السبت، 21 نوفمبر 2009

تسلم ام وليد....

ام وليد هى احدى الشخصيات الرئيسية برغم صغر دورها فى فيلم بيروت الغربية و هو يعد (فى رأيى) من افضل الافلام العربية الوثائقية. يحكى الفيلم عن الحرب الاهلية بلبنان فى فترة السبعينيات و ذلك من خلال رؤية المراهق طارق (بطل الفيلم) الغير مبالى بما يدور حوله و لا يهتم الا بملذات المراهقة مع صديقه عمر. تبدأ حدة الحرب مع بداية الاحداث حين تنقسم بيروت الى قسمين بيروت الشرقية (مسيحية) و بيروت الغربية (مسلمة).

تكاد بيروت تشتعل و لا يزال بطلنا يعيش تلك الحالة من النشوى المؤقتة و يضع نفسه فى الكثير من المواقف الحرجة و الخطيرة بسبب عدم اهتمامه حتى يأتى اليوم الذى يوقظه من غفلته، تقوم مسيرة من الناس تأبينا للمناضل كمال جنبلاط و ينضم اليها المراهقان دون ان يعلما حتى من هو جنبلاط! حين يتعرض للمسيرة بعض الافراد المسلحون و يفترق الصديقان، يختبىء طارق داخل احدى السيارات التى تأخذه بمحض الصدفة لدار ام وليد.

دار ام وليد هو اشهر منزل للدعارة ببيروت يرجع صيته الى سبعين عاما حتى اصبح من اساطير بيروت. لم يدرك طارق انه فى المكان المفضل لديه بسبب ما راّه من اسلحة حوله صورت له الدار على انها مقر المقاومة و لكن حين يخرج الى غرفة اخرى يرى المسلحين من الجبهتين يهيمون فى الغناء و الرقص و النساء و الخمر بدون اى احتكاك بين اى من الجبهتين! و حينما تسأله ام وليد من اين اتى، يجيبها بأنه من من الغربية، فترد بأنها لا تعرف شرقية و لا غربية، بل تعرف بيروت! فالسرير لا دين له! و من هنا يبدأ طارق فى ادراك كارثة بلاده.

يحاول طارق الذهاب مرة اخرى الى دار ام وليد و لكنها ترفض استضافته فهى لا تهتم بسياسة و لا سلطة و لا حرب! و تتفاقم الامور اكثر حين يدرك ان اسرته على شفا الانهيار فوالديه بلا عمل و لا يجدان المال لاعالتهم.

المميز فى الفيلم هو تصوير النفس البشرية فى تلك الفترة و كيف كانت تنظر و تتدبر، فعلى الرغم من ان الحرب بين المسلمين و المسيحيين تجد ان كليهما لا يفقهان شيئا عن الدين! فقمة الايمان عند المسلم ان يصلى الجمعة و ان تغطى المرأة رأسها! اما المسيحى التقى هو من يرتدى الصليب حول رقبته! ايضا حين تمر السيارة التى اقلت طارق من الغربية الى الشرقية تجد حمالة صدر معلقة عليها، تلك الحمالة هى جواز المرور بين المنطقتين و كأن الداعر من حقه ان يفعل ما يشاء بغض النظر عن ملته!

كان لتصوير الصراع النفسى بين ام طارق ووالده تأثير كبير على طارق و المشاهد كحد سواء، فالأم محامية تسعى دائما لتأمين اسرتها و حياتها، شديدة التخوف من المستقبل! فى حين ان الاب الصحفى المثقف الذى لا يستطيع ايجاد وظيفة توفر لعائلته حياة طيبة و هو متسمك بأرضه و قضية وطنه و هو دائم اللهو مع ابنه فى حين ان الام دائمة الصراخ و النهر فى كليهما!

من المثير للأهتمام فى مشاهدة الفيلم الانتقال السريع بين مختلف المشاعر و التعبيرات فتغضب لوهلة ثم تضحك فجأة و تتأثر بعدها ثم تفاجأ ثم تثور ثم تبكى ثم تتحير دون ان تشعر بالغرابة من اضطراب المشاعر تجاه ما تراه حيث انه من عبقرية المخرج ان يجعلك تلمس الاحساس بمجرد مشاهدته دون الحاجة الى العيش داخل احداثه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق