السبت، 16 يناير 2010

قصة قصيرة... طويلة !

استيقظ من نومه، و فتح عينيه على شعاع الشمس يخترق شقوق نافذته الخشبية القديمة ببيته الاثرى العتيق، ذهب لينفض عن وجهه اثر سباته الطويل و نظر فى المرآة مدققا فى ملامح وجهه الجادة بلونه الخمرى و شاربه المستوى تحت انفه ضاما شفتيه مقطبا حاجبيه، بنيته ليست بالهزيلة و لا الضخمة الثقيلة ولكنها بين ذلك شديدة يافعة العود.

خرج من حمامه المتهالك و ارتدى ملابسه ثم مضى فى طريقه ينظر فى الوجوه لعله يجدها! هى... هى من كانت تسكن خياله منذ نعومة اظافره، هى من يسعى دائما الى رؤياها و لا يدخر فى ذلك جهدا، هى من يتوق الى احتضانها كما ارتأى فى الحلم... نعم انها من نسج حلمه و لكنه يؤمن بوجودها.

و اثناء مروره على احد الازقة المتطرفة نما الى اذنه صوت صرخة مكتومة فأسرع باتجاه الصوت يقتحم ابوابا و يقفز فوق اسوار، حتى وصل الى مصدر تلك الصرخة، كانت فتاة ذات وجه مألوف، انها هى، تلك الفتاة التى كان يبحث عنها، و لكنها تعانى، راّها مستلقية على الارض فى وهن، تتألم من كل شبر فى جسدها الانثوى، و على وجهها الدرى ملامح التعب و الاجهاد.

" حاولت عبور السور " قالتها فى وهن، ثم تمسكت بذراعيه محاولة الوقوف فلم تستطع، فقام بحملها و سار بها وسط المارة مستغربين المشهد و هى تحتضن رقبته و على وجهه ابتسامة واثقة، اخذها الى منزله، ادخلها الى حمامه و خلع عنها ملابسها و غسل عنها اثار السقوط، ثم احضر لها جلبابا، احتفظ به من اجلها، حملها الى سريره و جلس بجوارها و سألها " ما اسمك ؟ " فأجابت " اسمى فاطمة عبد المعز، و انت؟ " قال انا حسن ابو الغيط، لقد انتظرتك طويلا، اين كنتِ و ما الذى جاء بك الى تلك الازقة المظلمة المتطرفة؟" قالت " كان لى ولد... و اب و اخ و زوج! اقوم بخدمتهم وحدى و حين سقطت من التعب لم يلق لى اى منهم بالا، فمات الابن و الوالد، و هجرنى الزوج و الأخ، و همت فى الطرقات ابحث عمن يأخذ بيدى و اكون مدينة له بكل ما ملكته يداى"

ابتسم و قال "ها انا طوع يديك، ان امرتى اطعت، و ان سألتى اجبت، و ان كان لى فى العمر بقية امضيته تحت قدميك، الاّن انا زوجك و والدك و ولدك، فكونى لى زوجة و اما و رفيقة و ابنة" قالت " ما دمت ترعانى فلن احيا الى بضمة يديك " فرد قائلا "يوم تقومين على قدميك سأنحت لك تمثالا بيدى يرسم صورتك فى ابهى اشكالها و شموخها يا من عشق القلب و الوجدان الى اخر الزمان" ثم استمرا فى عناق دافىء يجعل حرارة الشمس تبدو كصقيع ليل يناير...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق